الآيات القرآنية على عدالة الصحابة: (لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا)

قال تعالى: (لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [الحشر: 8-9].

قال تعالى: (لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [الحشر: 8-9].
إن أهم ما شهد الله سبحانه وتعالى به لأولئك المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم ابتغاء فضل الله ورضوانه، ونصر الله ورسوله، الصدق؛ فقال: أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ أي مستمرون على الصدق وهذا دليل قاطع أن المهاجرين جميعاً كانوا صادقين، وماتوا صادقين بشهادة ربهم، وأنهم عدول في كل ما ينقلونه عن نبيهم عليه الصلاة والسلام قرآناً وسنة؛ وأما الأنصار فقد مدحهم مدحاً عظيماً، ووصفهم بأنهم يحبون من هاجر إليهم، لأنهم ساكنوهم وأشركوهم في أموالهم، وأسبغوا عليهم من حبهم، ولم يجدوا في أنفسهم من الحسد على ما خصهم النبي صلى الله عليه وسلم من فيء وكانوا يقدمون المهاجرين على أنفسهم في كل ما يتعلق بالدنيا من الحظوظ، مع فقرهم وحاجتهم، ولكونهم كذلك كانوا من الفائزين الناجحين، واستحقوا رضوان الله سبحانه وتعالى .
ثم يبين الله تبارك وتعالى واجب من يأتي بعد الصحابة تجاههم فيقول: وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ [الحشر: 10].
فواجب من جاء من بعدهم هو الدعاء لهم وتصفية القلوب من بغض أحد منهم؛ وقد قالت عائشة رضي الله عنها: أمروا أن يستغفروا لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسبوهم ثم قرأت هذه الآية .
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه سمع رجلاً وهو يتناول بعض المهاجرين، فقرأ عليه لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الآية، ثم قال: هؤلاء المهاجرين فمنهم أنت؟ قال: لا؛ ثم قرأ عليه: وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ الآية، ثم قال: هؤلاء الأنصار أفأنت منهم. قال: لا. ثم قرأ عليه: وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ الآية، ثم قال: أفمن هؤلاء أنت؟ قال: أرجو. قال: لا ليس من هؤلاء، من يسب هؤلاء. وفي رواية: لا والله ما يكون منهم من يتناولهم وكان في قلبه الغل عليهم .
وقال سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه الناس على ثلاث مراتب قد مضت منزلتان وبقيت منزلة، فأحسن ما أنتم كائنون عليه أن تكونوا بهذه التي بقيت، ثم قرأ: لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ [الحشر: 8]؛ ثم قال: هؤلاء المهاجرين وهذه منزلة وقد مضت؛ ثم قرأ: وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ، ثم قال: هؤلاء الأنصار وهذه منزلة وقد مضت؛ ثم قرأ: وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ فقد مضت هاتان المنزلتان وبقيت هذه المنزلة، فأحسن ما أنتم كائنون عليه أن تكونوا بهذه المنزلة .
ووجه الاستدلال من الآية الكريمة: هو أن الله عز وجل وصف المهاجرين بالصدق والأنصار بالفلاح، وأمر من يأتي بعدهم باتباعهم بإحسان، والدعاء لهم، وهذا دليل على عدالتهم رضي الله عنهم.
أعتقد أن في ذكر هذا القدر من الآيات كفاية للتدليل على تعديل الله تعالى لأصحاب نبيه صلى الله عليه وسلم.

المصادر:

((تفسير ابن كثير)) (4/337-338)،

((أضواء البيان)) (8/69-74).

((المستدرك للحاكم)) (2/526).
((الدر المنثور)) للسيوطي (8/113).