من الأدلة العقلية على عدالة الصحابة: تسخيرهم لحفظ الدين.

من المسلمات عندنا أن اليهود حرفوا توراتهم من بعد موسى عليه السلام فكانت بعثة الرسل بعد موسى تصحيحاً لمسيرة اليهود الدينية والدنيوية

من المسلمات عندنا أن اليهود حرفوا توراتهم من بعد موسى عليه السلام فكانت بعثة الرسل بعد موسى تصحيحاً لمسيرة اليهود الدينية والدنيوية، ولما بعث عيسى عليه السلام إلى بني إسرائيل وأنزل عليه الإنجيل سرعان ما حرفه الأحبار والرهبان وغيروه وبدلوه أيضاً فحتم هذا بعثة نبي جديد لأن المنهج الرباني حرف وبدل ولابد للبشرية من منهج رباني تسير على ضوئه وتعمل بشريعته وتهتدي بهديه فكانت بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وكان القرآن الكريم هو الكتاب المنزل عليه وقد اقتضت حكمة الله أن يكون النبي هو الخاتم وكتابه هو آخر الكتب وهذا يعني أن المنهج الرباني والدستور الإلهي سيبقى من بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى نهاية البشرية متمثلاً بما جاء به النبي محمد صلى الله عليه وسلم إذ لا نبي بعده. فاقتضى هذا أن يبقى الكتاب من غير تحريف ولا تشويه ولا تبديل كي يتسنى لآخر هذه الأمة الإطلاع عليه والإيمان به والعمل بأحكامه كما أطلع عليه أول هذه الأمة.
والسؤال الذي يفرض نفسه هنا من الذي سيحفظ القرآن من الضياع والتحريف. ومن الذي سيقوم بنقله؟
الجواب على التساؤل الأول: إن الله هو الذي حفظ القرآن فقال: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر: 9]. وهذا أمر مقطوع به.
أما التساؤل الثاني فجوابه أن الأمة التي أحاطت بالرسول صلى الله عليه وسلم هي التي قامت بهذه المهمة العظيمة وهي نقل الكتاب إلى من بعدهم بكل أمانة ونزاهة كما أنزله الله تعالى وهذا ما يقتضيه العقل والمنطق إذ ليس من الحكمة أن يرسل الله تعالى آخر الأنبياء، وينزل معه آخر الكتب، ويتعهد له بأنه سيتولى بنفسه حفظ كتابه، بقطعية حاسمة، وتأكيدات متتابعة ثم لا يهيء أمة مؤمنة صادقة عادلة حريصة ذات مروءة شاملة، كي تحافظ على كتابه الكريم، ودستوره الخالد العظيم.
إذ لا يعقل أن يكون حفظ الله للكتاب الكريم بأن ينزل ملائكة من السماء واجبها حراسة الكتاب العزيز من التحريف، أو أن يودع سبحانه في القرآن قوة بين أسطره تنبعث من كلماته تفتك بمن يريد تغييره وتحريفه.
إن مثل هذا الكلام يعد في منطق العقل تخريفاً مقبول فلم يبلق لدينا إلا القول بأن الله هيأ أمة كريمة أحاطت بنبيه هم الصحابة الأنجاب كانوا سبب حفظ الكتاب وهذا ما يستلزم القول بعدالتهم رضي الله عنهم أجمعين.