من الأدلة العقلية على عدالة الصحابة: استلزام تكذيب التواتر

العقل يصدق بالتواتر ويحكم بوجوده فلا يجوز للعقلاء تكذيب ما تواتر نقله، أو تواتر إثباته وإلا لما كانوا عقلاء.

العقل يصدق بالتواتر ويحكم بوجوده فلا يجوز للعقلاء تكذيب ما تواتر نقله، أو تواتر إثباته وإلا لما كانوا عقلاء.
فلا يمكن تكذيب التواتر التاريخي القاطع والحاصل بأن أمة الإسلام الأولى من الصحابة الكرام كانوا خير العباد لله تعالى، وخير الأصحاب لمحمد صلى الله عليه وسلم، وخير المبلغين الصادقين الحريصين على حفظ كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ومن كانت هذه صفته فلابد أن يحكم العقل بعدالته.
قال الخطيب البغدادي: (على أنه لو لم يرد من الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم فيهم شيء مما ذكرناه، لأوجبت الحال التي كانوا عليها من الهجرة، والجهاد، والنصرة، وبذل المهج، والأموال، وقتل الآباء، والأولاد، والمناصحة في الدين، وقوة الإيمان واليقين، القطع على عدالتهم، والاعتقاد لنزاهتهم وأنهم أفضل من جميع المعدلين والمزكين، الذين يجيئون من بعدهم أبد الآبدين) .
(فإن من تتبع تاريخ الصحابة، وسوابقهم في الإسلام بعد اعتناقهم له، وعرف سيرهم من حين إسلامهم إلى وقت وفاتهم، وأنهم لا يرتكبون من الإثم والفواحش والكبائر، ولا يصرون على اللمم والصغائر، ولا يفعلون ما يخرم مروءتهم، أو يسيء إلى سمعتهم، وأن من وقع في ذلك منهم، سارع إلى التوبة، وبادر إلى الأوبة، لا يسعه إلا الجزم بعدالتهم، ذلك أن المقدمات ترشد دائماً إلى النتائج، فإذا كانت المقدمات واقعية محققة، وصحيحة مسلمة، لا تحوم حولها الشكوك، ولا تنزل بساحتها الريب، فإنها لابد أن تسوقك إلى النتائج المسلمة عقلاً، والصحيحة منطقاً وفكراً، الواقعية تعتريه الظنون والشبه، وإنما تؤخذ مسلمة عند كل عاقل، بمقتضى ما تقوله قواعد المنطق، وما تقره قوانين الفكر والنظر) .
بعد كل هذا لا يسع المنصف العاقل إلا أن يقول: إن القرآن الكريم والسنة النبوية المروية، قولاً وعملاً، ومنطق الأمور، وحقائق الأشياء، والتاريخ المتواتر وقرائن الأحوال كل ذلك يتضافر على إثبات عدالة الصحب الكرام وإنكار ذلك الإسفاف القائل بعدمها.