علاقة فاطمة رضي الله عنها بأزواج النبي صلى الله عليه وسلّم

الحمد لله وبعد،

فعلاقة فاطمة رضي الله عنها بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم تظهر من عدة أحاديث، منها ما روي عَنْ عَائِشَةَ – رضي الله عنها -: أَنَّ نِسَاءَ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – كُنَّ حِزْبَيْنِ:

فَحِزْبٌ فِيهِ: عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ وَصَفِيَّةُ وَسَوْدَةُ.

وَالحِزْبُ الآخَرُ: أُمُّ سَلَمَةَ، وَسَائِرُ نِسَاءِ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – ،

وَكَانَ المُسْلِمُونَ قَدْ عَلِمُوا حُبَّ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – عَائِشَةَ، فَإِذَا كَانَتْ عِنْدَ أَحَدِهِمْ هَدِيَّةٌ يُرِيدُ أَنْ يُهْدِيَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – أَخَّرَهَا حَتَّى إِذَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – فِي بَيْتِ عَائِشَةَ، بَعَثَ صَاحِبُ الهَدِيَّةِ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – فِي بَيْتِ عَائِشَةَ.

فَكَلَّمَ حِزْبُ أُمِّ سَلَمَةَ فَقُلْنَ لَهَا: كَلِّمِي رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – يُكَلِّمُ النَّاسَ، فَيَقُولُ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يُهْدِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – هَدِيَّةً، فَلْيُهْدِهِ إِلَيْهِ حَيْثُ كَانَ مِنْ بُيُوتِ نِسَائِهِ، فَكَلَّمَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ بِمَا قُلْنَ، فَلَمْ يَقُلْ لَهَا شَيْئَاً، فَسَأَلْنَهَا، فَقَالَتْ: مَا قَالَ لِي شَيْئَاً، فَقُلْنَ لَهَا، فَكَلِّمِيهِ قَالَتْ: فَكَلَّمَتْهُ حِينَ دَارَ إِلَيْهَا أَيْضَاً، فَلَمْ يَقُلْ لَهَا شَيْئَاً، فَسَأَلْنَهَا، فَقَالَتْ: مَا قَالَ لِي شَيْئَاً، فَقُلْنَ لَهَا: كَلِّمِيهِ حَتَّى يُكَلِّمَكِ، فَدَارَ إِلَيْهَا فَكَلَّمَتْهُ، فَقَالَ لَهَا: «لَا تُؤْذِينِي فِي

عَائِشَةَ فَإِنَّ الوَحْيَ لَمْ يَأْتِنِي وَأَنَا فِي ثَوْبِ امْرَأَةٍ، إِلَّا عَائِشَةَ».

قَالَتْ: فَقَالَتْ: أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مِنْ أَذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ.

ثُمَّ إِنَّهُنَّ دَعَوْنَ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم -، فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – تَقُولُ: إِنَّ نِسَاءَكَ يَنْشُدْنَكَ اللهَ العَدْلَ فِي بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، فَكَلَّمَتْهُ فَقَالَ: «يَا بُنَيَّةُ أَلَا تُحِبِّينَ مَا أُحِبُّ»؟ قَالَتْ: بَلَى، فَرَجَعَتْ إِلَيْهِنَّ، فَأَخْبَرَتْهُنَّ، فَقُلْنَ: ارْجِعِي إِلَيْهِ، فَأَبَتْ أَنْ تَرْجِعَ.

فَأَرْسَلْنَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ ، فَأَتَتْهُ، فَأَغْلَظَتْ، وَقَالَتْ: إِنَّ نِسَاءَكَ يَنْشُدْنَكَ اللهَ العَدْلَ فِي بِنْتِ ابْنِ أَبِي قُحَافَةَ، فَرَفَعَتْ صَوْتَهَا حَتَّى تَنَاوَلَتْ عَائِشَةَ وَهِيَ قَاعِدَةٌ فَسَبَّتْهَا، حَتَّى إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – لَيَنْظُرُ إِلَى عَائِشَةَ، هَلْ تَكَلَّمُ، قَالَ: فَتَكَلَّمَتْ عَائِشَةُ تَرُدُّ عَلَى زَيْنَبَ حَتَّى أَسْكَتَتْهَا، قَالَتْ: فَنَظَرَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – إِلَى عَائِشَةَ، وَقَالَ: «إِنَّهَا بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ».

متفق عليه، واللفظ للبخاري.

وفي لفظ مسلم: قالت عائشة، فأرسل أزواج النبي – صلى الله عليه وسلم – زينبَ بنتَ جحش، زوجَ النبي – صلى الله عليه وسلم -، وهي التي كانت تُسَامِيني منهُنَّ في المنزلةِ عند رسول اللَّه – صلى الله عليه وسلم -، ولم أرَ امرأة قطُّ خيرَاً في

الدِّين من زينب، وأتقى للَّهِ وأصدقَ حديثاً، وأوصلَ للرَّحِمِ، وأعظمَ صدَقَةً، وأشَدَّ ابتذَالاً لِنفسِهَا في العَمَلِ الذي تصدق به، وتقربَ به إلى اللَّهِ تعالى، ما عدا سَوْرةٍ من حِدَّةٍ كانت فيها، تُسْرعُ مِنها الفَيْئَةُ، قالت: فاستأذَنتْ على رَسُولِ اللَّه – صلى الله عليه وسلم -، ورَسولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – مع عائشة في مِرْطِهَا، على الحالة التي دخلَتْ فاطمةُ عليها وهُوَ بِهَا، فأذن لها رسولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم -.