أم المؤمنين (أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان) رضي الله عنها وأرضاها
هي رملة بنت أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس الأموية، وأمها صفية بنت أبي العاص بن أمية، فهي من بيتٍ قرشيّ عريق، وتلتقي مع النبي ﷺ في الجد عبد مناف، لذا كانت أقرب نسائه إليه نسبًا (1).
وُلدت قبل البعثة النبوية بسبعة عشر عامًا في مكة، ونشأت في بيتٍ من أشراف قريش.
أسلمت رملة في وقت مبكر مع زوجها عبيد الله بن جحش الأسدي، وهاجرت معه إلى الحبشة في الهجرة الثانية طلبًا لحماية دينها (2). وهناك ولدت ابنتها حبيبة. لكن زوجها ارتد وتنصَّر ومات على النصرانية، فثبتت هي على الإسلام، صابرة محتسبة (3).
بعد وفاة زوجها أكرمها الله بزواجٍ من خير الخلق، فتزوّجها رسول الله ﷺ وهي في الحبشة، وكان الذي عقد لها هو النجاشي ملك الحبشة وأصدقها عن النبي ﷺ أربعمائة دينار. فكانت بذلك من أمهات المؤمنين ومن المهاجرات اللواتي جمعن بين هجرتين وفضلين.
ومن مناقبها رضي الله عنها:
1- ثباتها على الإسلام رغم محنة زوجها، فحين ارتد زوجها عبيد الله إلى النصرانية بقيت أم حبيبة ثابتة على دينها، محتسبة أمرها عند الله، فكانت قدوة في الصبر والثبات، ومع هذا فإن المحققين من أهل الحديث يضعفون قصة تنصّره وأن الصواب من الروايات مرضه في الحبشة بدلا عن تنصره فيها، (ينظر كتاب “ما شاع ولم يثبت في السيرة النبوية” (ص 42) لـمحمد بن عبد الله العوشن في كتابه على استبعاد ردة عبيد الله بن جحش)
2- شاركت في الهجرة الثانية، وهي هجرة عظيمة الأجر؛ فقد مدح النبي ﷺ من هاجر إلى الحبشة وجعل لهم هجرتين (4).
3- إكرامها فراش النبي ﷺ، فعندما قَدِم أبوها أبو سفيان – وكان حينها مشركًا – إلى المدينة يريد تمديد الهدنة بين المسلمين وقريش، دخل على ابنته أم حبيبة، فطوى فراش رسول الله ﷺ لئلا يجلس عليه مشرك، تقديرًا لمقام النبوة وغيرةً على حرمة بيتها وزوجها (5). هذا الموقف يبيّن قوة إيمانها واعتزازها بدينها.
عاشت أم حبيبة بعد النبي ﷺ إلى خلافة معاوية، وتوفيت في المدينة المنورة سنة 44 هـ، ودُفنت في البقيع مع أمهات المؤمنين (6).
المراجع:
(1) ابن سعد، الطبقات الكبرى 8/94.
(2) صحيح مسلم، كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل جعفر بن أبي طالب وأسماء بنت عميس وأهل سفينتهم، رقم (2502).
(3) انظر: ابن حجر، الإصابة في تمييز الصحابة، ترجمة عبيد الله بن جحش.
(4) صحيح مسلم، المصدر نفسه.
(5) رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى 8/96، بإسناد صحيح.
(6) الذهبي، سير أعلام النبلاء 2/215.