وفاة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، ولم يترك لأهله درهما ولا دينارا.
في جمادى الآخرة من السنة الثالثة عشرة من الهجرة مرض أبو بكر الصديق رضي الله عنه مرض الموت، وجاءته سكراته، وكانت عنده ابنته أم المؤمنين عائشة فقالت:
لعمرك ما يغني الثراء عن الفتى … إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر
فرفع بصره إليها وقال: هلا قلت: [وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد] {ق: 19}.
فقيل له: ألا نحضر لك الطبيب؟
فقال: قد رآني الطبيب، وقال لي: إني فعال لما أريد ( يريد أن الطبيب هو الله).
وأصل الخبر في الطبقات لابن سعد رحمه الله:
عن إسماعيل بن أبي خالد عن عبد الله البهي مولى الزبير عن عائشة قالت:
لما حضر أبو بكر قلت كلمة من قول حاتم:
(لعمرك ما يغني الثراء عن الفتى إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر)
فقال: لا تقولي هكذا يا بنية ولكن قولي {وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد}
انظروا ملاءتي هاتين فإذا مت فاغسلوهما وكفنوني فيهما فإن الحي أحوج إلى الجديد من الميت.
وفي رواية:
( أما إنا مند ولينا أمر المسلمين لم نأكل لهم دينارا ولا درهما ولكنا قد أكلنا من جريش طعامهم في بطوننا ولبسنا من خشن ثيابهم على ظهورنا وليس عندنا من فئ المسلمين قليل ولا كثير إلا هذا العبد الحبشي وهذا البعير الناضح وجرد هذه القطيفة فإذا مت فابعثي بهن إلى عمر وأبرئي منهن، ففعلت فلما جاء الرسول عمر بكى حتى جعلت دموعه تسيل في الأرض ويقول: رحم الله أبا بكر لقد أتعب من بعده رحم الله أبا بكر لقد أتعب من بعده….)
وأسلم الروح لباريها، وغادر هذه الحياة إلى جنة عرضها السموات والأرض، كما بشره بذلك حبيبه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودفن بجانب رسول الله صلى الله عليه وسلم.