نقد دعوى التشكيك في عدل عمر بن الخطاب رضي الله عنه في عطاء أزواج النبيّ صلى الله عليه وسلّم
نقد دعوى التشكيك في عدله في عطاء أزواج النبيّ صلى الله عليه وسلّم
فقد أثار خصوم الصحابة – رضي الله عنهم – شبهات حول عدل عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ومن ذلك قولهم:
“وكان يعطي أزواج النبي ﷺ من بيت المال أكثر مما ينبغي، وكان يعطي عائشة وحفصة في كل سنة عشرة آلاف درهم.”
الرد على هذه الشبهة:
أما حفصة رضي الله عنها، فقد كان عمر رضي الله عنه ينقصها من العطاء لكونها ابنته، كما نقص ولده عبد الله بن عمر. وهذا من كمال احتياطه في العدل، وخوفه مقام ربه، ونهيه نفسه عن الهوى.
وكان عمر يرى أن التفضيل في العطاء يكون بالفضل والاستحقاق، فكان يعطي أزواج النبي ﷺ أكثر مما يعطي غيرهن من النساء، كما كان يفضل بني هاشم من آل أبي طالب وآل العباس على غيرهم، فيعطيهم أكثر مما يعطي أعدادهم من سائر القبائل.
وعند تفضيله لشخص ما، لم يكن ذلك لمحاباة أو قرابة دنيوية، وإنما لأسباب دينية بحتة؛ كصلة الشخص برسول الله ﷺ، أو لسابقته في الإسلام، أو لغنائه في خدمة الدين، أو لبلائه في الجهاد، أو لحاجته.
وكان يقول:
“ليس أحد أحق بهذا المال من أحد، وإنما هو الرجل وغناؤه، والرجل وبلاؤه، والرجل وسابقته، والرجل وحاجته.”
وبذلك، كان عمر ينقص ابنه وابنته عن نظرائهم في العطاء، ويفضل أهل بيت النبي ﷺ على جميع البيوتات، مقدماً إياهم على غيرهم.
وهذه السيرة العادلة لم يسر عليها أحد بعده بمثل شدتها وصرامتها، لا عثمان رضي الله عنه ولا علي رضي الله عنه ولا غيرهما. فإن كان في نظر المخالفين قدح في تفضيله أزواج النبي ﷺ، فليكن ذلك قدحاً أيضاً في تفضيله رجال أهل بيت النبي ﷺ وتقديمهم على سائر الناس.
الهوامش:
أشار المؤلف إلى أن عمر رضي الله عنه كان ينقص ولده عبد الله وابنته حفصة في العطاء عمداً ليبتعد عن أي شبهة محاباة.
هوامش إثرائية لمن أراد التوسع:
ابن تيمية، منهاج السنة النبوية، تحقيق د. محمد رشاد سالم، ج6، ص37-38.
ابن سعد، الطبقات الكبرى، ترجمة عمر بن الخطاب، فصل عطاياه لأزواج النبي ﷺ.
البلاذري، فتوح البلدان، باب أعطيات الصحابة وأهل بيت النبي ﷺ.
ابن حجر العسقلاني، الإصابة في تمييز الصحابة، ترجمة حفصة بنت عمر رضي الله عنها.
د. علي الصلابي، سيرة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، فصل سياسة عمر المالية.