هل يقال عليٌّ (كرم الله وجهه) أو (عليه السلام)؟

وقال آخرون: لا يجوز ذلك؛ لأن الصلاة على غير الأنبياء قد صارت من شعار أهل الأهواء،

لا يخص بذلك من دون الصحابة، وإنما يقال رضي الله عنه.
قال ابن كثير رحمه الله: “قال الجمهور من العلماء: لا يجوز إفراد غير الأنبياء بالصلاة؛ لأن هذا قد صار شعارا للأنبياء إذا ذكروا، فلا يلحق بهم غيرهم، فلا يقال: (قال أبو بكر صلى الله عليه)، أو: (قال علي صلى الله عليه). وإن كان المعنى صحيحا، كما لا يقال: (قال محمد عز وجل)، وإن كان عزيزا جليلا؛ لأن هذا من شعار ذكر الله عز وجل. وحملوا ما ورد في ذلك من الكتاب والسنة على الدعاء لهم؛ ولهذا لم يثبت شعارا لآل أبي أوفى، ولا لجابر وامرأته. وهذا مسلك حسن.
وقال آخرون: لا يجوز ذلك؛ لأن الصلاة على غير الأنبياء قد صارت من شعار أهل الأهواء، يصلون على من يعتقدون فيهم، فلا يقتدى بهم في ذلك، والله أعلم.
ثم اختلف المانعون من ذلك: هل هو من باب التحريم، أو الكراهة التنزيهية، أو خلاف الأولى؟ على ثلاثة أقوال، حكاه الشيخ أبو زكريا النووي في كتاب الأذكار. ثم قال: والصحيح الذي عليه الأكثرون أنه مكروه كراهة تنزيه؛ لأنه شعار أهل البدع، وقد نهينا عن شعارهم، والمكروه هو ما ورد فيه نهي مقصود. قال أصحابنا: والمعتمد في ذلك أن الصلاة صارت مخصوصة في اللسان بالأنبياء، صلوات الله وسلامه عليهم، كما أن قولنا: (عز وجل)، مخصوص بالله سبحانه وتعالى، فكما لا يقال: (محمد عز وجل)، وإن كان عزيزا جليلا لا يقال: (أبو بكر أو علي صلى الله عليه). هذا لفظه بحروفه. قال: وأما السلام فقال الشيخ أبو محمد الجُوَيني من أصحابنا: هو في معنى الصلاة، فلا يستعمل في الغائب، ولا يفرد به غير الأنبياء، فلا يقال: (علي عليه السلام)، وسواء في هذا الأحياء والأموات، وأما الحاضر فيخاطب به، فيقال: سلام عليكم، أو سلام عليك، أو السلام عليك أو عليكم. وهذا مجمع عليه. انتهى ما ذكره. قلت: وقد غلب هذا في عبارة كثير من النساخ للكتب؛ أن يفرد علي رضي الله عنه بأن يقال: (عليه السلام)، من دون سائر الصحابة، أو: (كرم الله وجهه)، وهذا وإن كان معناه صحيحا، لكن ينبغي أن يُسَاوى بين الصحابة في ذلك؛ فإن هذا من باب التعظيم والتكريم، فالشيخان وأمير المؤمنين عثمان بن عفان أولى بذلك منه، رضي الله عنهم أجمعين”.
ويثبت تبعاً ما لا يثبت استقلالاً، فيقال: صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أو: صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.