خوف فاطمة رضي الله عنها على أبيها صلى الله عليه واله وسلم وملازمتها له

من صور خوف فاطمة رضي الله عنها على أبيها من مشركي قريش، ما نقله عبد الله بن عبّاس- رضي الله عنهما – قال: إنَّ الملأ من قريش اجتمعوا في الحِجْرِ، فتعاهدوا باللات، والعُزَّى، ومنَاة الثالثة الأخرى: لو قَدْ رأينا محمدَاً، قُمْنَا إليه قيام رجُلٍ واحِدٍ، فلم نُفَارِقْهُ حتَّى نقتله.

قال: فأقبلَتْ فاطمةُ تبْكِي حتَّى دخلَتْ على أبيها، فقالت: هؤلاء الملأُ مِنْ قَومِكَ في الحِجْرِ، قد تعاهدوا: أنْ لَوْ قدْ رَأوكَ قامُوا إليك فقتَلُوكَ، فليس منهم رجلٌ إلا قَدْ عَرَفَ نصيبَهُ مِن دَمِكَ، قال: «يا بُنَيَّة، أدْنِي وضوءاً»، فتوضأَ، ثم دخل عليهم المسجدَ، فلمَّا رأوه، قالوا: هُوَ هذا، هُوَ هَذَا. فخَفَضُوا أبصارَهُم، وعقَرُوا في مجالِسِهِم، فلَمْ يرفَعُوا إليه أبصارَهُم، ولم يقَمْ منهم رجُل.

فأقبلَ رسولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – حتَّى قامَ عَلى رءوسِهِم، فأخَذَ قبضَةً مِن تُرَابٍ، فحصَبَهُمْ بها، وقال: «شَاهَت الوُجُوه».

قال: فما أصابَتْ رجُلاً منهُم حصَاةٌ إلا قُتِلَ يومَ بَدْرٍ كافِرَاً.

أخرجه: الإمام أحمد، وسعيد بن منصور، وهو حديث حسن.

كما أن من صور ملازمتها لرسول الله في حياته الخاصة ما نقلته  أم هانئ بنت أبي طالب – رضي الله عنها – قالت: ذهبتُ إلى رسُولِ اللهِ – صلى الله عليه وسلم – عام الفتح، فوجدتُه يغتسلُ، وفاطمةُ ابنتُه تستُرُه، قالت: فسلَّمتُ عليه، فقال: «مَنْ هذه»؟

فقلتُ: أنا أم هانئ بنت أبي طالب.

فقال: «مرحبَاً بأم هانئ».

فلما فرغ من غُسْلِهِ، قام فصلى ثماني ركعات مُلتَحِفَاً في ثوب واحد، فلما انصرف،

قلتُ: يا رسول اللهِ، زعَمَ ابنُ أمِّي أنه قاتِلٌ رجُلاً قدْ أجَرْتُهُ، فلانَ بنَ هُبيرة،

فقال رسول اللهِ – صلى الله عليه وسلم -: «قد أجَرْنَا مَنْ أجَرْتِ يا أمَّ هانئ». قالت أم هانئ: وذاك ضُحى.

متفق عليه.

في رواية: «فسترته ابنته فاطمة بثوبه، فلما اغتسل أخذه فالتحف به».

وهو يكشف ملازمتها لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم، وقيامها بشؤونه، وخوفها عليه، رضي الله عنها، وصلوات الله وسلامه على أبيها.