معالجة فاطمة رضي الله عنها لأبيها صلى الله عليه وآله وسلم

مِن برِّها بأبيها: مُعالجتُها إياه – صلى الله عليه وعلى آله وسلم -:

عن سهل بن سعد الساعدي – رضي الله عنه -: أنه سُئل عن جُرح النبي – صلى الله عليه وسلم – يوم أُحُد، فقال: «جُرِح وجْهُ النَّبيِّ – صلى الله عليه وسلم -،

وكُسِرَتْ ربَاعِيَّتُهُ، وهُشِمَتْ البَيْضَةُ على رأسِه، فكَانت فاطمةُ – عليها السلام – تغْسِلُ الدَّمَ، وعَليٌّ يُمسِك، فلما رأتْ أنَّ الدمَ لا يزيدُ إلا كثرةً، أخذَتْ حصِيراً فأحرَقَتْهُ حتَّى صَارَ رمَادَاً (٤)، ثم ألزَقَتْهُ؛ فاستَمْسَكَ الدَّم».

متفق عليه.

وفي رواية للبخاري: وعليٌّ يأتي بالماء على تُرسِه وفي رواية يسكب الماء بالمِجَنِّ. و (فحُشي به جُرْحُه). والمِجَنُّ هو التُّرْس.

تأمل فعلها هذا، مع هول المصيبة، وشدة الواقعة، وما أُشيع ـ حينئذ ـ من موت النبي – صلى الله عليه وسلم -، والأنظار تتجه إلى موضعه، وقد علاه الجهد، وسال الدم على وجهه الشريف – صلى الله عليه وسلم -، ومع ذلك تنفرد فاطمة من

بين الناس كلِّهم في هذا الجمع الكبير؛ لتغسل الدم، ثم تعالج استمراره بحرق الحصير ووضعه على الجرح، وهذا يدل على بِرِّها، كما يدل على قوتها وصبرها، وحذقها وشجاعتها – رضي الله عنها -.