العلاقة الحميمة بين أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وبين فاطمة رضي الله عنها

إن مما يدل على المحبة والصفاء والنقاء بين أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وبين فاطمة رضي الله عنها عدة أدلة منها:

أولاً: أنَّ الأصل بين المتَّقين: الصدق والوفاء والمحبة والصفاء، ولم يَرِدْ شَيءٌ يُخالِف هذا بَين أمِّ المؤمنين: عائشة، وبنْتِ النَّبيِّ – صلى الله عليه وسلم -: فاطمة – رضي الله عنهما -.

ثانياً: أنَّ النبيَّ – صلى الله عليه وسلم – كان يقسم لعائشة يومين، يومَها ويوم

سودة؛ لأنها تنازلت عنه لعائشة – رضي الله عنهما -، وكان بيتُ ابنةِ النبي – صلى الله عليه وسلم – فاطمة مجاورَاً لبيت عائشة، والزيارة متبادلة بينهما متكررة يوميَّاً أو شبهه، فلو كان بين عائشة وفاطمة شيئٌ؛ لظهر في عدد من الوقائع، وهذا لم يحصل.

ثالثاً: ورود عدد من الأحاديث المنبئة عن صفاء ومودة، من ذلك:

ــ وصف عائشة لفاطمة، وأنها شبيهة النبي – صلى الله عليه وسلم – في مِشيَتِها وهَديها ودَلِّها، وقيامها، وقعودها، مع احتفاء النبي – صلى الله عليه وسلم – بها، واحتفائها به، وأنه – صلى الله عليه وسلم – خصَّها بالسرار حينئذ من بين الحاضرات، وهُنَّ جميع أزواجه

ــ وكذلك مدحها بقولها: ما رأيتُ أحداً قطُّ أصدَقَ لَهْجةً من فاطمة غيرَ أبيها – صلى الله عليه وعلى آله وسلم -.

ــ وخبرها بأنَّ أحبَّ النساء إلى النبي – صلى الله عليه وسلم -: فاطمةُ.

ــ أيضاً مبادرة عائشة من بين أزواج النبي – صلى الله عليه وسلم – كلهن ــ وكُنَّ في المجلس ــ بسؤال فاطمة عن إسرار النبي – صلى الله عليه وسلم – لها، فبكت، ثم أسرَّ لها فضحكت؛ لأن الموقفَ مُلفِت للانتباه، ومُستَغْرَب

لو كان بينهما شَيءٌ؛ لمَا سألَتْها، ولأَوْكَلَت السؤال إلى إحدى الحاضرات.

ــ ثم إعادة السؤال لها بعد وفاة النبي – صلى الله عليه وسلم -، وإجابة فاطمة، وهذا كله يدُلُّ على المودة بينهما، وعدم وجود ما يدفع القرب والاتصال،

وكان السؤال الثاني في وَقْتٍ تدَّعي الإمامية اغتصاب أبي بكر الخلافة، وما جرى في قضية الميراث! ! فلو كان بينهما عداوة لما تجرَّأَتْ عائشة على السؤال عن السِّرِّ، ولما أجابت فاطمة – رضي الله عنهما -.

ــ أيضاً كان بينهما حقٌّ لم يُذكر تفاصِيلُه، وإنما أشارَتْ إليه عائشة في قولها: «فَلَمَّا تُوُفِّيَ، قُلْتُ لَهَا: عَزَمْتُ عَلَيْكِ بِمَا لِي عَلَيْكِ مِنَ الحَقِّ لَمَّا أَخْبَرْتِنِي، قَالَتْ: أَمَّا الآنَ فَنَعَمْ، فَأَخْبَرَتْنِي الحديث.

ــ وكذلك رواية عائشة حديثَ الكِسَاءِ، وروايتُها أصحُّ ما وردَ فيه، والحديثُ من أعلى الأحاديث في فَضْل بَعْضِ آلِ البيت الأقربين: فاطمة، وزوجِها، وولدَيها – رضي الله عنهم -.

ــ أيضاً حملُ عائشة طلب فاطمة لما أرادَتْ خادماً، وأتَتْ إلى أبيها – صلى الله عليه وسلم – ولم تجدْهُ، فعادَتْ؛ ثم أخبرَتْ عائشةُ النبيَّ – صلى الله عليه وسلم – بمَقدَمِها وطلَبها، فزارَها في بيتِها وحدَّثها.

فرضي الله عنهما وأرضاهما.