بين عتاب عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه والشفقة على فاطمة رضي الله عنها
الحمد لله وبعد:
فقد جاء في الحديث النبويّ: (إنَّ علي خطبَ بنتَ أبي جَهْل فسَمِعَتْ هكذا فاطمةُ – رضي الله عنهم – فأتَتْ رسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – أبيالت: يَمن قوم ،بنكَ رَبنَ رََغْضُ لِبِ رَبنَ رََغْضِكِ رَبنَ رَبَغْضُ لِبِ رَبَتَه. ولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – ، فسمعتُه حين تَشهَّد ، يقول: «أما بعد ، أنكحتُ أبا العاص بنَ الربيع ، فحَدَّثَنِي وصدَقَنِي ، وإنَّ فاطمةَ بَضْعةٌ مِنِّي، وإني أكرَهُ أن يسُوءَها، واللَّهِ لا تَجتَمِعُ بنتُ رَسُولِ اللهِ – صلى الله عليه وسلم – وبنتُ عدوِّ اللَّهِ عندَ رجُلٍ واحِد». فتَركَ عليٌّ الخِطْبَة)
فلماذا جهَرَ – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – بمعاتبة عليٍّ – رضي الله عنه -؟
قال ابن حجر – رحمه الله -: (كان النبيُّ – صلى الله عليه وسلم – قَلَّ أنْ يُواجِهَ أحداً بما يُعَابُ بِهِ، ولعله إنمَّا جهرَ بمُعَاتبةِ عليٍّ؛ مُبالَغَةً في رِضَا فاطمة – عليها السلام -).
قلت: وقد يكون لمخالفة عليٍّ – رضي الله عنه – الشرطَ الذي اشتُرط عليه، مثل العاص بن وائل – رضي الله عنه -، مع غضَب فاطمة – رضي الله عنها – وحزنها في حالة تفردها بعد أخواتها
استشكل بعضُهم خوفَ النبيِّ – صلى الله عليه وسلم – على ابنته فاطمة – رضي الله عنها – مع استكثاره من الزوجات، قال ابن حجر: (ومُحَصَّلُ الجواب: أنَّ فاطمة كانت إذْ ذاك ــ كما تقدم ــ فاقدةً مَن تَرْكَنُ إليهِ، مَنْ يُؤنِسُهَا ويُزِيْلُ وحشَتَهَا مِنْ أمٍّ، أو أُخْتٍ، بخلاف أمهات المؤمنين، فإنَّ كلَّ واحِدَةٍ منهن كانت ترجِعُ إلى مَنْ يحصُلُ لها معَه ذلك.
وزيادة عليه ـ وهو زَوجُهنَّ – صلى الله عليه وسلم – ـ لما كان عندَه من الملاطفة، وتَطيِيبِ القلوبِ، وجَبْرِ الخواطر، بحيثُ إنَّ كُلَّ واحِدَةٍ منهن تَرضى منْهُ لحُسْنِ خَلْقِهِ، وجَمِيلِ خُلُقِه بجَمِيع ما يصدُرُ منه، بحيث لَو وُجِدَ مَا يُخشَى وجودُه مِن الغَيرَةِ؛ لزال عن قُرْبٍ).