أم المؤمنين (أم سلمة هند بنت أبي أمية) المخزومية القرشية رضي الله عنها

أم سلمة هي هند بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، وأبوها كان يُلقّب زاد الركب لجوده وكرمه؛ إذ كان المسافر معه لا يحتاج إلى أن يحمل زادًا (1).
أما أمها فهي عاتكة بنت عامر الكنانية من بني فراس. نشأت أم سلمة في بيت من بيوت قريش العريقة، فجمعت بين شرف النسب وجمال الخَلق والخُلق.

تزوّجت أولاً الصحابي الجليل أبا سلمة بن عبد الأسد، وهو ابن عمتها أميمة بنت عبد المطلب، أي أنه يجمعها برسول الله ﷺ نسب قريب (2). هاجرت مع زوجها إلى الحبشة فرارًا بدينهما، ثم هاجرت معه ثانية إلى المدينة. وقيل إنها أول ظعينة (أي امرأة في هودج) تدخل المدينة (3). بعد استشهاد زوجها في معركة أُحد، تزوجها رسول الله ﷺ، فكانت زوجةً أمينة وأمًّا للمؤمنين.

من فضائلها رضي الله عنها:

1- تكريم النبي ﷺ لها ودعاؤه بالخير، حيث روت أم سلمة أنها لما خُطبت لرسول الله ﷺ قالت: «إنّ لي بنتًا، وأنا غيور»، فقال ﷺ: «أما ابنتها فندعو الله أن يُغنيها عنها، وأدعو الله أن يذهب غيرتها» (4).
في هذا الموقف يظهر لطف النبي ﷺ ودعاؤه لها، كما يظهر تواضعها وصدقها في إظهار ما في نفسها.

2- أخبرها النبي ﷺ بأنها من أهل الجنة، إذ روت: «أغدف (غطى) رسول الله ﷺ على علي وفاطمة والحسن والحسين خميصة سوداء ثم قال: اللهم إليك لا إلى النار أنا وأهل بيتي. قالت: قلت: وأنا يا رسول الله؟ قال: وأنتِ» (5).
وهي منقبة جليلة تُظهر مكانتها الرفيعة في بيت النبوة.

3- كانت صاحبة عقل راجح ورأي سديد، وظهر ذلك جليًّا في صلح الحديبية. فعندما أمر النبي ﷺ أصحابه أن ينحروا ويحلقوا فلم يستجيبوا من شدة ما في نفوسهم، دخل على أم سلمة فأشارت عليه أن يخرج دون كلام فينحر هديه ويحلق رأسه، ففعل، فقام الناس جميعًا يفعلون مثله (6).

عاشت أم سلمة بعد النبي ﷺ عمرًا طويلًا، فكانت آخر من توفي من أمهات المؤمنين. توفيت سنة 62 هـ ودُفنت في البقيع، بعد أن شهدت أحداثًا كبيرة في تاريخ الأمة، وروت كثيرًا من الأحاديث النبوية.

المراجع:
(1) ابن سعد، الطبقات الكبرى 8/100.
(2) وهو أيضًا ابن عمة النبي ﷺ؛ انظر: الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر.
(3) الظعينة: المرأة التي تسافر في الهودج.
(4) صحيح مسلم، كتاب الجنائز، باب ما يقال عند المصيبة، رقم (918).
(5) مسند أحمد 6/296، 6/304 رقم (26582)؛ وانظر أيضًا سنن الترمذي رقم (3812) وصححه الألباني.
(6) مسند أحمد 4/323، وعلّق شعيب الأرناؤوط بقوله: إسناده حسن.