أبو هريرة رضي الله عنه [4]: علم أبي هريرة رضي الله عنه وفضله بين الصحابة

كان أبو هريرة -رضي الله عنه – من أعلام الصحابة ومن أفاضلهم، وتظهر منزلته العلمية من خلال كثرة من روى عنه من الصحابة واعتمادهم عليه في الفتوى. فقد روى عنه: زيد بن ثابت، وأبو أيوب الأنصاري، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، وأُبيّ بن كعب، وجابر بن عبد الله، وعائشة، والمسور بن مخرمة، وأبو موسى الأشعري، وأنس بن مالك، وأبو رافع مولى رسول الله ص، وغيرهم. كما روى عنه من التابعين: قبيصة بن ذؤيب، وسعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، وسالم بن عبد الله بن عمر، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وأبو صالح السمان، وعطاء بن أبي رباح، وعطاء بن يسار، ومجاهد، والشعبي، وابن سيرين، وعكرمة، ونافع مولى ابن عمر، وأبو إدريس الخولاني، وغيرهم (1).

وقال البخاري: روى عنه ثمانمائة نفس أو أكثر(2).

وكان الصحابة لا يكتفون بالرواية عنه، بل يرجعون إليه في الفتوى، ويُقدّمونه أحياناً ويوافقونه فيما يفتي به.

وقد روى الشافعي / عن مالك، عن يحيى بن سعيد، عن بكير بن الأشج، عن معاوية بن أبي عياش الأنصاري، أنه كان مع ابن الزبير، فجاءه محمد بن إياس بن البكير يسأله عن رجل طلّق زوجته ثلاثاً قبل الدخول، فبعثه إلى أبي هريرة وابن عباس، وكانا عند عائشة. فلما سألهما قال ابن عباس لأبي هريرة: أفتِ يا أبا هريرة، فقد جاءت مسألة دقيقة. فقال أبو هريرة: الواحدة تبينها والثلاث تحرمها حتى تنكح زوجاً غيره. ووافقه ابن عباس(3).

وروى الزهري عن سالم أنه سمع أبا هريرة يقول: إن قوماً كانوا محرمين، فأُهدي لهم صيد من قوم محلّين، فأفتاهم بجواز أكله(4).

كما نقل زياد بن مِينا أن ابن عباس، وابن عمر، وأبا سعيد، وأبا هريرة، وجابراً، كانوا يفتون بالمدينة عن رسول الله ص من وفاة عثمان حتى توفّوا، وقال: وهؤلاء الخمسة كانت الفتوى إليهم(5).

وقال الذهبي في بيان مكانته: ويكفيه شرفاً أن ابن عباس كان يتأدب معه ويقول: أفتِ يا أبا هريرة(6).

المراجع

(1) الحاكم: المستدرك 3/513، الذهبي: سير أعلام النبلاء 2/580-585.
(2) الذهبي: تذكرة الحفاظ 1/36، وابن حجر: الإصابة 4/205.
(3) مالك: الموطأ 2/57، والشافعي: المسند 2/36، بلفظ: “تبتها”.
(4) مالك: الموطأ 1/351-352.
(5) الذهبي: سير أعلام النبلاء 2/606-607.
(6) المصدر نفسه 2/609.