الحكمة من المصاهرة بين رسول الله والخلفاء الراشدين.

صلى الله عليه وآله وسلم، ورضي الله عنهم.

كثيرٌ من سادات الصحابة رضي الله عنهم؛ وعلى رأسهم الخلفاءُ الراشدون الأربعةُ زوَّجُوا في أهل بيت النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وتزوجوا منهم، كما هو متفقٌ عليه بين أهل التواريخ، ونقَلةِ الأخبار من أهل السُنة والشيعة(1).
وهي من الأَدلة العقلية الواضحة على شيوع المودة بين الصحابة والقرابة؛ إذ لا يُزوج المرءُ ابنته، أو أخته بمن لا يحبه فضلاً عن أن يزوِّجها بمن يمقته، ويُكِنُّ له العِداءَ والبغضاء.

ومما ينبغي التنبيه عليه هنا أَنَّ أئمةَ الصحابة؛ الخلفاء الراشدين الأربعة هم أصهارُ النبي صلى الله عليه وسلم، فقد تزوَّج النبيُّ المُطَهَّر صلى الله عليه وسلم من ابنة أبي بكر، وابنة عمر رضي الله عنهما، وزوَّجَ صلى الله عليه وسلم بناتَه من عثمان بن عفان ذي النورين، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وأما تزويجه فاطمةَ ل ففيه فضيلةٌ لعلي رضي الله عنه، كما أَنَّ تزويجَه عثمانَ رضي الله عنه بابنتيه فضيلةٌ لعثمان أيضاً، ولذلك سُمِّي ذو النورين، وكذلك تزوُّجُه بنتَ أَبي بكرٍ، وبنتَ عمر ي فضيلةٌ لهما، فالخلفاء الأربعة أصهارُه صلى الله عليه وسلم)(2).

 

وقال  صفيُّ الرحمن المبارَكْفُوري: (فاتجاه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى مصاهرة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما بزواجه بعائشة وحفصة ب، وكذلك تزويجُه ابنته فاطمة ل بعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، وتزويجه ابنتيه رقيةَ ل ثم أم كلثوم ل بعثمان بن عفان رضي الله عنه يُشير إلى أنه يَبغي من وراء ذلك توثيقَ الصِّلات بالرجال الأَربعة، الذين عَرف بلاءَهم وفداءَهم للإسلام في الأزمات التي مرت به، وشاء الله أن يجتازها بسلام، وكان مِن تقاليد العرب الاحترامُ للمصاهرة، فقد كان الصهر عندهم باباً من أَبواب التقرب بين البطون المختلفة، وكانوا يرون مناوأةَ ومحاربةَ الأصهار سُبَّةً وعاراً على أنفسهم)(3).

 

 

الهامش:

(1) ينظر على سبيل المثال الكتب التالية التي ذكرت المصاهرات بين آل البيت والصحابة ي، مِن مصادر أهل السنة والشيعة:
1- الأسماء والمصاهرات بين أهل البيت والصحابة؛ تأليف أبي معاذ السيد أحمد بن إبراهيم، ط مبرة الآل والأصحاب: الكويت.
2- كتاب النسب والمصاهرة بين أهل البيت والصحابة، للسيد علاء الدين المدرس. ط دار الأمل: الأردن، الطبعة الأولى 1421هـ 2000م، وهو من أوسع الكتب التي وقفتُ عليها في هذا الموضوع.
3- ومن أنفع الأمور وأوضحها لفهم هذه المصاهرات بين الصحابة وآل البيت ما أَصدرتْه مبرةُ الآل والأصحاب في الكويت من الملصقات (البوسترات) العديدة، توضح تلك القرابة والمصاهرة بصورة مبسطة جلية مع ذكر المصادر من كتب السنة والشيعة.
(2) منهاج السنة النبوية 4/36.
(3) الرحيق المختوم ص627.