نفقة رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابنته فاطمة رضي الله عنها
كان النبي – صلى الله عليه وسلم – أتقى الناس لربه – عز وجل -، وأحسن العالمين خُلقاً، ومن كريم الأخلاق، وجميل السجايا أن يحسن الإنسان إلى من يعول، وأن لا يضيِّع من يقوت.
وقد وردت عنه – صلى الله عليه وسلم – في الإنفاق على الأولاد أحاديث، وورد عنه الإحسان إلى البنات ورعايتهن، ومن أعظم الإحسان: القيام بالنفقة عليهن.
وأفضل مَن يعمل بها هو النبيُّ – صلى الله عليه وسلم -؛ لتقواه، وحسن تربيته، وجميل أخلاقه.
[فالمسلم يبدأ في النفقة بالأقرب فالأقرب]
عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال النبي – صلى الله عليه وسلم -: «أفضل الصدقة ما ترك غِنَى، واليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمَن تَعُول».
تقول المرأة: إما أن تطعمني، وإما أن تطلقني، ويقول العبد: أطعمني واستعملني، ويقول الابن: أطعمني، إلى من تدعني».
فقالوا: يا أبا هريرة، سمعت هذا من رسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم -؟ قال: «لا، هذا من كيس أبي هريرة». أخرجه: البخاري
وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قال: «خيرُ الصدقة ما كان عن ظهر غِنى، وابدأ بمن تعُول». أخرجه: البخاري.
عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم -: «تصدقوا». قال رجل: عندي دينار. قال: «تَصَدَّقْ به على نفسك». قال: عندي دينار آخر. قال: «تَصَدَّقْ به على زوجك». قال: عندي دينار آخر. قال: «تَصَدَّقْ به على ولدك». قال: عندي دينار آخر. قال: «تَصَدَّقْ به على خادمك». قال: عندي دينار آخر. قال: «أنتَ أبصر».
أخرجه: أبو داوود، والنسائي، وأحمد، بإسناد حسن.
وحذر النبيُّ – صلى الله عليه وسلم – الإنسانَ أنْ يُضيِّعَ مَن يَعُول:
عن عبد الله بن عمرو – رضي الله عنهما – قال: قال رسولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم -: «كفى بالمرء إثماً أن يَحبِس عمن يملك قوتَه». أخرجه: مسلم.
وورد بلفظ: «كفى بالمرء إثماً أن يُضيِّع مَن يقوتُ». رواه أبو داوود، والنسائي، وأحمد، وهو حديث حسن.
وكان النبيُّ – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – يعتني بقوت أولادِه وأهلِه لمدة سنة:
عن عمر – رضي الله عنه -: «أنَّ النبيَّ – صلى الله عليه وسلم – كان يبيع نخل بني النضير، ويحبس لأهله قوت سنتهم». متفق عليه.
[وحث – صلى الله عليه وسلم – على إغناء الورثة بالمال]
عن سعد بن أبي وقاص – رضي الله عنه – قال: كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يعودني وأنا مريض بمكة، فقلت: لي مال، أوصي بمالي كله؟ قال: «لا» قلت: فالشطر؟ قال: «لا» قلت: فالثلث؟ قال: «الثُّلثُ والثُّلثُ كثير، أنْ تدَعَ ورثتَك أغنياءَ خيرٌ من أن تدعَهم عالَةً يتكففون الناس في أيديهم، ومهما أنفقت فهو لك صدقة، حتى اللقمة ترفعها فِيْ فِيِّ امرأتك، ولعل اللهَ يرفعك، ينتفع بك ناس، ويضر بك آخرون». متفق عليه.
[وحث – صلى الله عليه وسلم – على النفقة واحتساب الأجر فيها]
عن أبي مسعود الأنصاري – رضي الله عنه – قال: قال النبيُّ – صلى الله عليه وسلم -: «إذا أنفق المسلم نفقة على أهله، وهو يحتسبها، كانت له صدقة». متفق عليه.
وأمر بالإحسان إلى البنات، ورتَّب على ذلك أجراً عظيماً:
عن أنس بن مالك – رضي الله عنه – قال: قال رسول اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم -: «مَن عالَ جاريتين حتى تبلغا، جاء يوم القيامة أنا وهو» وضَمَّ أصابِعَه. أخرجه: مسلم.
وعن عائشة – رضي الله عنها – أنَّ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – قال: «مَن ابتُلي مِن هذه البنات بشَيءٍ؛ كُنَّ له سترَاً من النار». متفق عليه.
والنبيُّ – صلى الله عليه وسلم – بَشَرٌ، يحِبُّ أولادَه، ويسعى في مصلحتهم، والعناية بهم، ومن أعظم وجوه العناية: الإنفاق عليهم.
فكان – صلى الله عليه وسلم – خيرَ أبٍ، وخيرَ زوج، في رعايته وعنايته بآل بيته.
وإن كانت النفقة الواجبة على البنت بعد زواجها، تنتقل إلى زوجها؛ إلا أن الإحسان بالنفقة والهدايا لايقف، فكان يُحسن – صلى الله عليه وسلم – إلى بناته، ومثل هذا الموضوع يعلمه كل مسلم بيقين؛ لأنه أمر فطري، وشرعي، ولا تتوقف معرفته على المرويات الواردة في ذلك، ومما ورد:
عن عليٍّ – رضي الله عنه – أنَّ أُكَيدَر دُوْمَةَ أهدَى إلى النَّبيِّ – صلى الله عليه وسلم – ثَوبَ حَرِير، فأعطَاه عليَّاً، فقال: «شَقِّقْه خُمُرَاً بَينَ الفَوَاطِمْ». (١)
(١) الفواطم: جمع فاطمة، وهن: زوجته: فاطمة بنت النبي – صلى الله عليه وسلم -، وأمه: فاطمة بنت أسد، وابنة عمه: فاطمة بنت حمزة بن عبدالمطلب، وامرأة أخيه عقيل بن أبي طالب: فاطمة بنت شيبة بن ربيعة. وقيل: فاطمة بنت عتبة بن ربيعة.
فائدة: ذكر اللغوي أحمد بن فارس (ت ٣٩٥ هـ) الفواطم اللاتي يلينه – صلى الله عليه وسلم – في القرابة: فاطمة بنت سعد، أم قصي، وفاطمة بنت عمر بن جرول بن مالك أم أسد بن هاشم، وفاطمة بنت أسد بن هاشم، أم علي بن أبي طالب – رضي الله عنهما -، وأمها: فاطمة بنت هَرْم بن رواحة، وفاطمة بنت رسول اللهِ – صلى الله عليه وسلم -.