زيارة فاطمة رضي الله عنها لأبيها رسول الله صلى الله عليه وسلم

الحمد لله وبعد:

فزيارة فاطمة رضي الله عنها لأبيها رسول الله صلى الله عليه وسلم  متكررة، خاصة وأنها بجوار بيت عائشة – رضي الله عنهما -، من ذلك:

زيارتها له في مرضه – صلى الله عليه وسلم -، كما في حديث عائشة – رضي الله عنها – حينما أسرَّ لها بقرب أجله ..

وزيارتها إياه مع إطعامه كما في حديث الكساء من رواية أم سلمة – رضي الله عنهما -.

وثَمَّةَ أحاديثُ كثيرةٌ في الزيارة، منها الصحيح ومنها دون ذلك، وكثرة الزيارة بينهما مع الإطعام، لا تحتاج إلى مرويات؛ لليقين بها.

رُوي من حديث أنس بن مالك – رضي الله عنه – أنَّ فاطمة – عليها السلام – جاءت بكِسرة خُبْزٍ إلى النبي – صلى الله عليه وسلم -، فقال: «ما هذه الكسرة يا فاطمة»؟ قالت: قُرصٌ خبَزتُه، فَلَمْ تَطِبْ نفْسِي حتَّى أتيتُكَ بهذهِ الكِسْرَةِ، فقال: «أما إنه أول طعام دخل فم أبيك منذ ثلاثة أيام».

رواه: ابنُ سعد ـ واللفظ له ـ، وأحمد، وغيرهم، وهو حديث ضعيف.

أما زيارته – صلى الله عليه وسلم – لابنته فاطمة – رضي الله عنها -.

فعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: خَرجتُ مع رسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – في طائفةٍ من النهار، لا يُكلِّمُني ولا أكلِّمُه، حتى جاء سُوقَ بني قَينُقَاع، ثم انصرفَ، حتى أتى خِبَاء فاطمة فقال: «أثَمَّ لُكَعُ؟ أثَمَّ لُكَعُ»؟ يعني حسَناً فظنَنَّا أنه إنما تحْبِسُهُ أمُّه لأن تغسِلَه وتُلبِسَه سِخَاباً (٣)، فلم يلبَث أنْ جاء يَسعى، حتى اعتنقَ كلُّ واحدٍ منهما صاحبَه، فقال رسُولُ اللهِ – صلى الله عليه وسلم -: «اللهمَّ إني أُحِبُّه، فأَحِبَّه، وأحبِبْ مَنْ يُحِبُّه».

متفق عليه ــ واللفظ لمسلم ــ.

في لفظ للبخاري: كنتُ مع رسولِ اللهِ – صلى الله عليه وسلم – في سُوق من أسواق المدينة، فانصرفَ فانصرفتُ، فقال: «أينَ لُكَعُ؟ ـ ثلاثاً ـ ادْع الحسنَ بنَ علي». فقام الحسن بنُ علي يمشي وفي عنقه السخاب، فقال النبي – صلى الله عليه وسلم – بيده هكذا، فقال الحسن بيده هكذا، فالتزمه فقال: «اللهم إني أحبُّه فأحبَّه، وأحبَّ من يحبُّه».

وقال أبو هريرة: فما كان أحدٌ أحبَّ إليَّ من الحسنِ بنِ علي، بعدما قال رسولُ اللهِ – صلى الله عليه وسلم – ما قال.

وعن علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – قال: إنَّ رسولَ اللهِ – صلى الله عليه وسلم – طَرَقَه وفاطمةَ – عليها السلام – بنتَ رسولِ اللهِ – صلى الله عليه وسلم -، فقال لهم: «ألا تُصلُّون»؟

فقال علي: فقلت: يا رسولَ اللَّهِ، إنما أنفسنا بيد اللهِ، فإذا شاءَ أن يبعثَنا بعَثَنا، فانصرفَ رسولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – حين قال له ذلك، ولم يرجع إليه شيئاً، ثم سمِعَهُ وهو مُدبِر، يضربُ فخذَه وهو يقول: {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} (سورة الكهف، آية ٥٤). أخرجه: البخاري ومسلم.

وعند أحمد، والنسائي، وأبي يعلى ـ بإسناد حَسَنٍ ـ: دخل عليَّ رسولُ اللهِ – صلى الله عليه وسلم – وعلَى فاطمةَ من الليل، فأيقظَنا للصلاة، قال: ثم رجَعَ إلى بيتِه، فَصلَّى هوياً (١) من الليل، قال: فلم يسمعْ لنا حِسَّاً، قال: فرجع إلينا، فأيقظنا وقال: «قُومَا فصَلِّيا». قال: فجلستُ وأنا أعركُ عيني، وأقول: إنَّا واللهِ ما نُصلِّي إلا ما كُتِبَ لنا، إنما أنفسنا بيدِ اللَّهِ، فإذا شاء أنْ يبعثَنا بعثَنَا. قال: فولَّى رسولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – وهو يقول، ويَضرِب بيده على فخذه: «ما نصلي إلا ما كُتِبَ لنا، مَا نُصَلِّي إلا ما كُتِبَ لنا! ! وكان الإنسان أكثر شيءٍ جدَلاً».