الموقف من خلافة يزيد بن معاوية وما نقل عن محمد بن الحنفية

موقف أهل السنة والجماعة من بيعة يزيد بن معاوية
أجمع أهل السنة والجماعة على أن بيعة يزيد بن معاوية قد تمت من حيث الظاهر وتوافرت لها أركان الانعقاد السياسي، إلا أن الكلام كان من جهتين: الانتقال من الشورى إلى الوراثة، رغم أن المخالفين يقرّون توريث عليّ رضي الله عنه لابنه الحسن الخلافة، وثانيا: وجود من هو أولى من يزيد كعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، والحسين بن علي، وعبد الله بن عباس، وغيرهم.

قول العلماء في المسألة
قال القاضي ابن العربي المالكي – من كبار أئمة أهل السنة –:
“إن معاوية رضي الله عنه ترك الأفضل في أن يجعلها شورى، وألا يخص بها أحدًا من قرابته، فكيف بولده؟ ومع ذلك، فقد بايع الناس ليزيد، فانعقدت البيعة شرعًا” (العواصم من القواصم، ص 228).
ويقول ابن خلدون في تحليل سياسي دقيق:
“لعل معاوية رأى في تعيينه ليزيد سبيلاً إلى الاستقرار ومنعًا للفتنة، ولكنه مع ذلك خالف سنن الراشدين الذين أقاموا الخلافة على الشورى” (مقدمة ابن خلدون، ص 166).

رأي الشيعة في بيعة يزيد:
أما الشيعة، فإن موقفهم من بيعة يزيد ينبع من أصل عقدي، فهم لا يعترفون بأي خلافة بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلا لعلي بن أبي طالب وأبنائه. لذا، فهم لا يعارضون بيعة يزيد لذاتها، بل يرفضون أصل البيعة لغير آل البيت، بدءًا من أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما، وليس انتهاءً بمعاوية ويزيد.

هل كان يزيد أهلاً للخلافة؟
وردت بعض الطعون في يزيد بن معاوية، تتعلق بسلوكه الشخصي واتهامه بشرب الخمر، وترك الصلاة، وسوء الأدب، وغير ذلك. غير أن كثيرًا من هذه الروايات ضعيفة أو بلا سند صحيح.
قال ابن كثير في روايته عن محمد بن الحنفية – ابن علي بن أبي طالب – أن جماعة أتوه يطلبون خلع يزيد، فقال لهم:
“ما رأيت منه ما تذكرون، وقد حضرته وأقمت عنده، فرأيته مواظبًا على الصلاة، متحرّيًا للخير، يسأل عن الفقه، ملازمًا للسنة”.
فلما قالوا له: “إنه يتصنع لك”، أجابهم:
“ما الذي خافه مني أو رجاه؟ أفأطلعكم على ما تزعمون؟ فإن كان أطلعكم، فأنتم شركاؤه، وإن لم يطلعكم، فلا يحلّ لكم أن تشهدوا بما لا تعلمون”، ثم تلا قول الله تعالى:
{إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [الزخرف: 86] (البداية والنهاية، 8/236).