نظرات في سير أمهات المؤمنين رضي الله عنهن

إن أمهات المؤمنين هنّ صفوة نساء الأمة، وهنّ زوجات رسول الله ﷺ اللواتي اختارهنّ الله لصحبته في الدنيا والآخرة، فكنّ منارات هدى ومصادر علم ورمزًا للوفاء والطهر. وقد اجتمع في سيرتهن الشرف والنسب، والإيمان والعمل، والتضحية في سبيل الله ورسوله.

جميع زوجات رسول الله ﷺ اللاتي دخل بهنّ توفيْن بعده ﷺ، إلا خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، وزينب بنت خزيمة رضي الله عنها، فقد انتقلتا إلى رحمة الله في حياة النبي ﷺ. وكانت خديجة أولى زوجاته وأعظمهن أثرًا في حياته، أما زينب بنت خزيمة فكانت تُعرف بـ “أم المساكين” لكثرة إحسانها وصدقاتها.

أما أماكن دفن أمهات المؤمنين، فكلّهنّ دُفنّ في البقيع بالمدينة المنورة، إلا خديجة رضي الله عنها فقد دُفنت في الحجون بمكة المكرمة، وميمونة بنت الحارث رضي الله عنها دُفنت في سَرِف بالقرب من التنعيم، وهو الموضع الذي بنى بها فيه رسول الله ﷺ، وذلك تنفيذًا لوصيتها أن تُدفن في المكان الذي جمعها فيه الله بنبيه الكريم.

ويلتقي النبي ﷺ بالنسب من جهة الأب مع عشرٍ من زوجاته، وهنّ: أم حبيبة بنت أبي سفيان، وخديجة بنت خويلد، وأم سلمة، وعائشة، وحفصة، وسودة، وزينب بنت جحش، وجويرية، وزينب بنت خزيمة، وميمونة بنت الحارث رضي الله عنهن جميعًا.
وقد انفردت السيدة زينب بنت جحش رضي الله عنها بميزةٍ خاصة، إذ كانت تلتقي مع النبي ﷺ نسبًا من جهة الأب والأم، فأمها أميمة بنت عبد المطلب عمة النبي ﷺ، وتلتقي معه في النسب من جهة الأب في خزيمة بن مدركة بن إلياس.

ومن الطريف أن النبي ﷺ سمّى زوجتيه ميمونة وجويرية بهذين الاسمين المباركين بعد أن كان اسمهما في الجاهلية “بَرّة”، فكره النبي ﷺ الاسم لما فيه من التزكية، وأبدله باسمٍ يحمل معنى البركة واليُمن.

أما من حيث الزواج قبل الإسلام، فقد كانت زينب بنت خزيمة، وصفية بنت حييّ، وميمونة بنت الحارث، وخديجة بنت خويلد رضي الله عنهن جميعًا قد تزوّجن قبل النبي ﷺ بزوجين، بينما كانت عائشة رضي الله عنها البكر الوحيدة بين أمهات المؤمنين.

وهكذا كانت سير أمهات المؤمنين صفحاتٍ مشرقة في تاريخ الأمة، جمعن بين النسب الشريف والإيمان الراسخ والعلم الواسع، فكنّ بحقّ قدوات للنساء، ومعينات للرسول ﷺ على حمل الرسالة ونشر النور والهداية.