الآيات القرآنية على عدالة الصحابة: (وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ)

قال تعالى: (وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مِن بَعْدُ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ مَعَكُمْ فَأُوْلَئِكَ مِنكُمْ وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [الأنفال: 74-75]. المعنى: قسم الله تعالى المؤمنين في هاتين الآيتين إلى قسمين:

قال تعالى: (وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مِن بَعْدُ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ مَعَكُمْ فَأُوْلَئِكَ مِنكُمْ وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [الأنفال: 74-75].
المعنى: قسم الله تعالى المؤمنين في هاتين الآيتين إلى قسمين:
القسم الأول: المهاجرون الأولون، وقد أثبت لهم تعالى أربع صفات تدل على علو شأنهم ورفعة مكانتهم
أولها: أنهم آمنوا بالله وملائكة وكتبه ورسله واليوم الآخر وقبلوا جميع التكاليف التي بلغها النبي صلى الله عليه وسلم إليهم.
وثانيها: أنهم فارقوا الأوطان، وتركوا الأقارب والجيران في طلب مرضاة الله.
وثالثها: أنهم جاهدوا بأموالهم وأنفسهم، فأما جهادهم بالمال فلأنهم لما فارقوا الأوطان ضاعت دورهم ومساكنهم وضياعهم، كما أنهم احتاجوا إلى الإنفاق على تلك الغزوات، وأما المجاهدة بالنفس، فلما أقدموا عليه من مباشرة القتال واقتحام المعارك، والخوض في المهالك، وذلك يدل على أنهم أزالوا أطماعهم عن الحياة وبذلوا أنفسهم في سبيل الله.
ورابع هذه الصفات: أنهم كانوا أول الناس إقداماً على هذه الأفعال والتزاماً لهذه الأحوال؛ ولهذه المسابقة أثر عظيم في تقوية الدين. وإنما كان السبق موجباً للفضيلة، لأن إقدامهم على هذه الأفعال يوجب اقتداء غيرهم بهم، فيصير ذلك سبباً للقوة أو الكمال.
القسم الثاني: الأنصار، ونعتهم سبحانه بأنهم آووا النبي صلى الله عليه وسلم ومن هاجر معه في مساكنهم، وآثروهم على أنفسهم وأولادهم، وبأنهم سالموا من سالمهم، وعادوا من عاداهم، ولهذا شرفهم الله بهذا الوصف، حتى أصبح اسم الأنصار علماً عليهم مدى الدهر

ثم إن الله سبحانه وتعالى بين أن هذين القسمين (هم المؤمنون حقاً) وقال هم (وهو ضمير الفصل بين المبتدأ والخبر، يفيد قصر المبتدأ على الخبر، أي كأنهم هم وحدهم المؤمنون لا غيرهم، وهذا هو من باب المدح العظيم، أولئك جميعاً لهم مغفرة من الله ورزق كريم في الدنيا والآخرة؛ وقدم الجار والمجرور لمزيد اختصاصهم بهذه المنزلة العظيمة، أي كأن المغفرة والرحمة وجدت لهم، فهم يستحقونها على الوجه الأكمل)
ثم ألحق تبارك وتعالى بهذين القسمين قسماً ثالثاً وهم المؤمنون المهاجرون المجاهدون الذين جاؤوا من بعدهم وساروا على نهجهم، وَالَّذِينَ آمَنُواْ مِن بَعْدُ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ مَعَكُمْ فَأُوْلَئِكَ مِنكُمْ [الأنفال: 75].
مما تقدم يتبين لنا وجه الاستدلال من الآية: وهو أن الله سبحانه وتعالى أثنى على المهاجرين والأنصار، وصدق عليهم وصف الإيمان، ثم مدح بقية الصحابة ممن هاجر وجاهد، فيكون هذا الثناء العاطر والمدح الجزيل والشهادة الإلهية شاملة لجميع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا ينال هذا الثناء والمدح إلا من كان عدلاً.