شبهات حول الصحابة (10) : زعمهم بأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه نهى عن متعة الحجّ والنساء.

الحمد لله، وبعد:
فمن شبهات الطاعنين في الصحابة رضي الله عنهم، زعمهم أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه نهى عن متعة الحج ومتعة النساء وهما مشروعتان فكيف يحرم عمر ما أحله الله؟
أولا: متعة الحج:
فنقول: على فرض أن عمر أخطأ رضي الله عنه في النهي عن متعة الحج فكان ماذا؟!
نحن لا ندعي العصمة لعمر، بل نقول: يخطئ كما تخطىء باقي الصحابة هذا إذا افترضنا أنه أخطأ.
عن الصبي بن معبد أنه قال لعمر: أحرمت بالحج والعمرة معا، (يعني: متمتعا) فقال عمر: هديت لسنة نبيك(مسند أحمد)
فهذا عمر يرى أن هذه هي السنة: بل ومدح هذا الرجل ولم ينهه وقال: هديت لسنة نبيك.
وعن سالم عن ابن عمر أنه سئل عن متعة الحج فأمر بها، فقيل له: إنك تخالف أباك.
قال: إن أبي لم يقل الذي تقولون؟ إنما قال: « أفردوا العمرة من الحج »، فجعلتموها أنتم حراما وعاقبتم عليها، وقد أحلها الله عز وجل، وعمل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أكثروا عليه قال: أفكتاب الله أحق أن يتبع أم عمر؟( سنن البيهقي (5/51))
ماذا كان مراد عمر إذا؟
كان مراد عمر أن لا يعرى بيت الله عن العمرة في يوم من أيام السنة، فإن الناس كانوا إذا خرجوا إلى الحج يعتمرون مع الحج وهي المتعة، بعد ذلك لا يأتون إلى بيت الله، فأراد عمر أن يحجوا مفردين ثم بعد ذلك يأتون إلى بيت الله تبارك وتعالى بعمرة بسفر مستقل حتى لا يبقى بيت الله عاريا من الخلق.
فالنهي من عمر رضي الله عنه لم يكن نهي تحريم، وإنما كان رأيا رآه وظن أن هذا الأمر أفضل، ولا يعاب عليه في هذا الأمر بل قد ذكرنا أنه لما حج الصبي بن معبد متمتعا قال له عمر: هديت لسنة نبيك.
ثانيا: متعة النساء:
إن النهي عنها ثبت عن علي رضي الله عنه حيث قال لابن عباس رضي الله عنهما – لما سمع أنه يبيح متعة النساء-: « مهلا يا ابن عباس؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهى عنها يوم خيبر، وعن لحوم الحمر الأنسية »(صحيح مسلم).
وكذلك حديث سلمة بن الأكوع أن النبي صلى الله عليه وسلم حرم المتعة عام أوطاس »(صحيح مسلم)،
وكذلك روى سبرة الجهني أن النبي صلى الله عليه وسلم حرم المتعة عام الفتح(صحيح مسلم)
وفي رواية: « إني كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء، وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة »(صحيح مسلم).
فعمر نهى عن المتعة فكان ماذا؟
فعمر رضي الله عنه نهى عن شيء نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، نهى عن شيء نهى رب العزة تبارك وتعالى عنه حيث قال: [والذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين * فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون] {المؤمنون: 5- 7}.
فسماهم الله عادين.
وهم يستدلون بقول الله تبارك وتعالى: [فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة إن الله كان عليما حكيما] {النساء: 24}. ويستدلون بالقراءة: [فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فآتوهن أجورهن فريضة]:
نقول: إن هذه القراءة غير متواترة، وليست من القراءات السبع ولا من القراءات العشر، فهي قراءة شاذة.
وهي معارضة بقول النبي صلى الله عليه وسلم سواء كان بحديث علي أو سلمة بن الأكوع، أو سبرة الجهني، أو غيرهم.