مقدمة في قراءة تاريخ الصحابة وآل البيت رضي الله عنهم

مقدمة في قراءة تاريخ الصحابة وآل البيت رضي الله عنهم

إن أنصع الحقبة الزمنية بياضا تلك التي عاشها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه؛ ذلك الجيل الذي حمل على عاتقه نشر رسالة الإسلام، فهم صفوة خلق الله بعد الأنبياء والمرسلين عليهم السلام.

اعترى تاريخ الأمة الإسلامية كثير من التشويه والدس والتحريف، بسبب الفرق التي ظهرت في حاضرة الإسلام؛ إذ تحاول كل فرقة أن تضع من شأن الأخرى، وترفع من شأن ذاتها، وبذا حدثت ثغرات في تاريخ العظماء من أمتنا.

وهذا علي رضي الله عنه يقول: « ليحبني أقوام حتى يدخلوا النار في، وليبغضني قوم حتى يدخلوا النار في بغضي »( أخرجه ابن أبي عاصم في « السنة » برقم (983)، وقال العلامة ناصر الدين الألباني: « إسناده صحيح على شرط الشيخين ».* وقال أيضا رضي الله عنه: « يهلك في رجلان: مفرط في حبي،ومفرط في بغضي ».

صور الغلو إنما وجدت بعد منتصف ( القرن الثالث الهجري ) على الصحيح، ومما يؤكد هذه الحقيقة: أننا لا نجد في الروايات الصحيحة المتعلقة بتاريخ وأحوال الصحابة ما يدل على وجود الكراهية المزعومة بين علي وغيره من كبار الصحابة، بل وجدنا ما يدل على عظيم محبتهم لبعضهم بعضا

من الصور المشرقة بين الصحابة وآل البيت، زواج عمر بن الخطاب من أم كلثوم بنت عليّ بن أبي طالب رضي الله عنهم

ثناء عليّ بن أبي طالب على الصحابة…

قال علي رضي الله عنه: « لقد رأيت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فما أرى أحدا منكم يشبههم، لقد كانوا يصبحون شعثا غبرا وقد باتوا سجدا وقياما يراوحون جباههم وجنوبهم ويقفون على مثل الجمر من ذكر معادهم كأن بين أعينهم ركب المعزى من طول سجودهم، إذا ذكروا الله هملت أعينهم ومادوا كما يميد الشجر يوم الريح العاصف »(نهج البلاغة)

ولعلي من الولد: أبو بكر وعمر وعثمان، وأبو بكر وعثمان قتلوا مع الحسين في « الطف »، وعمر من المعمرين

إن من أعظم أكاذيب التاريخ؛ زعم الزاعمين أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يضمرون العداوة لبعضهم بعضا!!

إن من غربة الإسلام بعد القرون الثلاثة المفضلة؛ أن ظهر كتاب شوهوا التاريخ وحرفوه، وخالفوا الحق وعادوه، فزعموا أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكونوا إخوانا في الله تعالى، ولم يكونوا رحماء بينهم، وإنما كانوا أعداء يلعن بعضهم بعضا

ومن أراد أن يكتب في التاريخ؛ فعليه أن يكون سليم الطوية لأهل الحق والخير، عارفا بهم، ولما لهم من الحق والمكانة، بارعا في التمييز بين حملة الأخبار، وتمييز الصحيح من السقيم، أمينا صادقا متحريا للحق.