من أحداث خلافة عليّ رضي الله عنه: بدايات وأسباب موقعة صفّين (37هـ)
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فمن أحداث خلافة عليّ رضي الله عنه ما وقع في موقعة صفيّن، سنة 37هـ، وذلك أن معاوية قد امتنع عن المبايعة لعليّ حتى يتم القصاص لعثمان، فلما انتهى علي صلى الله عليه وسلم من أهل الجمل قال: لابد أن يبايع معاوية الآن، وجهز الجيش لمقاتلة معاوية أو يبايع، فخرج علي بجيش قوامه مئة ألف إلى صفين في الشام، فلما سمع معاوية بخروج علي إلى قتاله صعد المنبر وقال: إن عليا نهد إليكم في أهل العراق فما الرأي؟ فضرب الناس بأذقانهم على صدورهم، فقام ذو الكلاع الحميري فقال: عليك الرأي وعلينا الفعال، والناس سكوت.
وصعد علي رضي الله عنه المنبر، فقال بعد أن حمد الله وأثنى عليه: إن معاوية قد نهد إليكم في أهل الشام فما الرأي؟ فأضب أهل
المسجد، يقولون يا أمير المؤمنين الرأي كذا… الرأي كذا.
فلم يفهم علي كلامهم من كثرة من تكلم، وكثر اللغط، فنزل، وهو يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون.
فذاك حال أهل الشام وهذا حال أهل العراق، فأهل الشام كانوا أهل طاعة وأهل جلد، وأهل العراق كانوا أهل فوضى كما سيأتي، وهم الذين بعد ذلك قاتلوا عليا وقتلوه رضي الله تبارك وتعالى عنه.
وصل علي رضي الله عنه إلى صفين سنة سبع وثلاثين من الهجرة وذلك في صفر.
وكان قتال علي رضي الله عنه في صفين والجمل عن رأي رآه واجتهاد تبناه.
فقد أخرج أبو داود في سننه عن قيس بن عباد قال: قلت لعلي رضي الله عنه: أخبرنا عن مسيرك هذا أعهد عهده إليك رسول الله صلى الله عليه وسلم أم رأي رأيته؟
قال: ماعهد إلي رسول الله صلى الله عليه وسلّم شيئا ولكنه رأي رأيته.
وسيأتي في المقالات القادمة الحديث عن منازعة معاوية رضي الله عنه لعليّ رضي الله عنه، وقصّة التحكيم، وم