السؤال حول علّة عدم إقامة عليّ رضي الله عنه القصاص على قتلة عثمان رضي الله عنه؟
أحداث خلافة عليّ رضي الله عنه: علّة عدم إقامة عليّ رضي الله عنه القصاص على قتلة عثمان رضي الله عنه؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فمن الأسئلة المطروحة حول أحداث خلافة عليّ رضي الله عنه: السؤال حول علّة عدم إقامة عليّ رضي الله عنه القصاص على قتلة عثمان؟
ويمكن الجواب بأنّ علي رضي الله عنه كان ينظر نظر مصلحة ومفسدة، فرأى أن المصلحة تقتضي تأخير القصاص لا تركه، فأخر القصاص من أجل هذا، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في حادثة الإفك، وذلك أنه تكلم في عائشة رضي الله عنها بعض الناس.
* ومن أشهر من تكلم في عائشة حسان بن ثابت، وحمنة بنت جحش، ومسطح بن أثاثة، وكان الذي تولى كبره عبد الله بن أبي بن سلول. فصعد النبي صلى الله عليه وسلم المنبر وقال: « من يعذرني في رجل وصل أذاه إلى أهلي؟ (يعني: عبد الله بن أبي بن سلول ) فقام سعد بن معاذ وقال: أنا أعذرك منه يا رسول الله.
إن كان منا معشر الأوس قتلناه، وإن كان من إخواننا الخزرج أمرتنا بقتله.
فقام سعد بن عبادة فرد على سعد بن معاذ، وقام أسيد بن حضير فرد على سعد بن عبادة، فصار النبي صلى الله عليه وسلم يخفضهم(1). وعلم أن الأمر عظيم، وذلك أنه قبل مجيء النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة كان الأوس والخزرج قد اتفقوا على أن يجعلوا عبد الله بن أبي بن سلول ملكا عليهم، فله عندهم منزلة عظيمة، وهو الذي رجع بثلث الجيش في معركة أحد، والنبي صلى الله عليه وسلم هنا ترك جلد عبد الله بن أبي بن سلول لماذا؟ للمصلحة؛ إذ رأى أن جلده أعظم مفسدة من تركه.
* وكذلك علي رضي الله عنه رأى أن تأخير القصاص أقل مفسدة من تعجيله؛ لأن عليا رضي الله عنه لا يستطيع أن يقتل قتلة عثمان أصلا؛ لأنهم غير معروفين بأعيانهم، وإن كان هناك رؤوس للفتنة ولهم قبائل تدافع عنهم، والأمن غير مستتب ومازالت الفتنة قائمة، ومن يقول إنهم لن يقتلوا عليا رضي الله عنه؟ وقد قتلوه بعد ذلك.
* ولذلك لما وصلت الخلافة إلى معاوية لم يقتل قتلة عثمان أيضا لماذا؟ لأنه صار يرى ما كان يراه علي، كان علي يراه واقعا،
ومعاوية كان يراه نظريا فلما آلت الخلافة إليه رآه واقعا، نعم معاوية أرسل من قتل بعضهم ولكن بقي آخرون إلى زمن الحجاج في خلافة عبد الملك بن مروان حتى قتل آخرهم.
المهم أن عليا رضي الله عنه ما كان يستطيع أن يقتلهم، ليس عجزا ولكن خوفا على الأمة.