من شبهات الطاعنين على خالد بن الوليد رضي الله عنه (2): موقفه من مالك بن نويرة.

من شبهات الطاعنين على خالد بن الوليد رضي الله عنه (2): موقفه من مالك بن نويرة.

روى الطاعنون على الصحابة رضي الله عنهم رواية مزعومة نسبوها للصادق – وهو برئ منها – أنه قال في تفسير قوله تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ} [الأعراف: 175]: (إنه خالد بن الوليد، فعل في الجاهلية ما فعل في أحُد وغيرها، فلما أسلم ونافق بذلك وارتد عن الإسلام سبى بني حنيفة في أيام أبي بكر، وأخذ أموالهم، وقتل مالك بن نويرة، واستحل نكاح زوجته بعد قتله، وأنكر عليه عمر بن الخطاب وتهدَّده وتوعَّده، وقال له: إن عشت إلى أيام لأقيدنك به، ولم يأخذ من نهب بني حنيفة شيئًا، وقال: إنهم مسلمون)([1]).

وقال الحلي: (وأهمل أبو بكر حدود الله، فلم يقتص من خالد بن الوليد ولا حده حين قتل مالك بن نويرة وكان مسلمًا، وتزوج امرأته من ليلة قتله وضاجعها، وأشار عليه عمر بقتله)([2]).

والجواب عن ذلك بعدة وجوه:

الوجه الأول: أن مالك بن نويرة كان على رأس المرتدين المانعين للزكاة، بل ومن المحرِّضين على ذلك، وفعلُه هذا من أعظم الجرائم التي هدَّدت الإسلام وكادت تقضي عليه، وخالد إنما قتله لفعله هذا.

الوجه الثاني: أن خالدًا لما استدعى مالك بن نويرة ونبهه على متابعة سجاح ومنع الزكاة، وقال له: ألم تعلم أنها قرينة الصلاة؟! قال مالك: إن صاحبكم كان يزعم ذلك، فقال خالد رضي الله عنه: أهو صاحبنا وليس بصاحبك؟!([3]). فعدّ خالد هذه الكلمة تنقيصًا للرسول صلى الله عليه وسلم موجبةً للقتل، فأمر ضرار بن الأزور بضرب عنقه.

الوجه الثالث: غاية ما يقال في قصة مالك بن نويرة أنه كان معصوم الدم، وأن خالدًا قد قتله متأولًا، ولهذا لم يعاقبه الصديق على تلك الفعلة وعذره بالتأويل، متأسّيًا بالنبي الكريم الذي لم يعاقبه بقتله بني جذيمة من قبل؛ لأنه كان متأولًا.

أما تزوّجه بزوجة مالك فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (وأما ما ذكر من تزوجه بامرأته ليلة قتله، فهذا مما لم يعرف ثبوته)([4]).

الهامش:

([1]) نهج البيان عن كشف معاني القرآن (2/ 368)، والبرهان في تفسير القرآن (3/ 247).

([2]) منهج الكرامة (ص: 101).

([3]) ينظر: البداية والنهاية (9/ 462).

([4]) منهاج السنة (5/ 519).