من شبهات الطاعنين على خالد بن الوليد رضي الله عنه (3): عزله من عمر بن الخطاب.
الشبهة الرابعة: عزل عمر بن الخطاب لخالد بن الوليد رضي الله عنه نتيجة إنفاقه أموال الغنائم على الأقوياء:
أورد ابن كثير رحمه الله قصة عزل عمر بن الخطاب لخالد بن الوليد رضي الله عنهما، وأشار إلى سبب هذا العزل، وأنه كان يصرف أموال الغنائم على الأقوياء، ويتجاهل الضعفاء والمساكين، ويحتج الرافضة بهذه الروايات قائلين: إن كان هذا الصحابي (أبو عمرو بن أحمد بن حفص) صادقًا فقد اتهم عمر بالظلم والحسد ومخالفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا مخرج عن حد العدالة، وإن كان كاذبًا أو غير متورع في حكمه فقد ثبت بهذا أن الصحابة كغيرهم لا يتورعون في الأحكام، قال ابن كثير رحمه الله: (وقد روى البخاري في التاريخ وغيره من طريق علي بن رباح عن ناشرة بن سمي اليزني قال: سمعت عمر يعتذر إلى الناس بالجابية من عزل خالد، فقال: أمرته أن يحبس هذا المال على ضعفة المهاجرين فأعطاه ذا البأس وذا الشرف واللسان، وأمَّرت أبا عبيدة. فقال أبو عمرو بن حفص بن المغيرة: ما اعتذرتَ يا عمر، لقد نزعتَ عاملًا استعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووضعتَ لواءً رفعه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأغمدتَ سيفًا سلَّه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولقد قطعت الرحم وحسدت ابن العم، فقال عمر: إنك قريب القرابة، حديث السن، مُغْضَبٌ في ابن عمك)([1]).
الرد على هذه الشبهة:
هذه الشبهة يرد عليها عمر رضي الله عنه بنفسه، حيث قال: (إني لم أعزل خالدًا عن سخطة ولا خيانة، ولكن الناس فتنوا به؛ فأحببت أن يعلموا أن الله هو الصانع)([2]).
وروى سيف بن عمر وغيره: أن عمر قال حين عزل خالدًا عن الشام والمثنى بن حارثة عن العراق: (إنما عزلتهما ليعلم الناس أن الله نصر الدين لا بنصرهما، وأن القوة لله جميعًا)([3]).
إذن فالدافع لعمر إلى عزل خالد هو افتتان الناس به، وهذا أمر خطير جدًّا، خاصة في ذلك الوقت، فحرص أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن يغرسوا في نفوس الناس أن الفاعل الحقيقي لكل شيء هو الله وحده، حتى يكون اتكالهم على الله وثقتهم بالله؛ لأن الله حي لا يموت، وخالد وأمثاله من القواد المحنكين يموتون، وقد يؤثّر موتهم على من ترسخ في ذهنه أن النصر إنما يأتي بحنكة هؤلاء القادة، لذلك قرر عمر أن يعزل خالدًا ويولّي غيره حتى يرى الناس أن النصر سيكون بخالد وبغيره؛ لأن الناصر في الحقيقة هو الله لا سواه.
الهامش:
([1]) البداية والنهاية (10/ 133).
([2]) ينظر: البداية والنهاية (7/ 81).
([3]) ينظر: البداية والنهاية (7/ 115).