موقف أهل السنة ممن تلبّس بقتل الصحابة رضي الله عنهم
موقف أهل السنة من قتلة الصحابة رضي الله عنهم
من المسائل الدقيقة التي تحتاج إلى وضوح وميزان عدل: موقف أهل السنة والجماعة من الذين أراقوا دماء الصحابة الكرام، من أمثال عبد الرحمن بن ملجم وقَتَلة عثمان، والزبير، وطلحة، والحسين، وسعيد بن جبير وغيرهم.
موقف أهل السنة من عبد الرحمن بن ملجم وأمثاله
قال الإمام الذهبي رحمه الله في معرض حديثه عن عبد الرحمن بن ملجم (قاتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه):
“ابن ملجم عندنا ممن نرجو له النار، ونجوز أن الله يتجاوز عنه، وحكمه هو حكم قاتل عثمان، وقاتل الزبير، وقاتل طلحة، وقاتل سعيد بن جبير، وقاتل عمار، وقاتل خارجة، وقاتل الحسين، فكل هؤلاء نبرأ منهم ونبغضهم في الله ونكل أمورهم إلى الله تبارك وتعالى”.
وهذا النص يُمثّل تقريرًا لعقيدة أهل السنة في هذا الباب، وهو يقوم على أمرين:
1- البراءة والبغض الشرعي لهؤلاء القتلة لما ارتكبوه من جرائم في حق أولياء الله وصحابته.
2- تفويض الحكم النهائي إلى الله تعالى، إذ لم يُكفَّر أحد منهم ما دام لم يأتِ بناقضٍ من نواقض الإسلام، وإن كانوا من أعظم الناس إثمًا وفسقًا.
حكم هؤلاء عند أهل السنة:
هؤلاء القتلة وإن اقترفوا ذنوبًا عظيمة وفواحش محرّمة وموبقات مهلكة، إلا أن أهل السنة لا يكفرونهم بمجرد القتل، إلا من اقترن قتله ببدعة مكفرة أو خروج عن أصل الدين. فالأصل عندهم أن: هؤلاء حكمهم واحد؛ لا يخرجون من الملة، ولكن لا شك أنهم فسقة مجرمون، إلا من تاب منهم.
إن عقيدة أهل السنة والجماعة تتسم بالعدل والورع في هذا الباب، فلا يُغلو فيمن قتل من الصحابة حتى يُكفَّر، ولا يُهمل فعله حتى يُبرَّأ. بل يُقال فيه: فاسق مجرم، نبرأ منه ونكل أمره إلى الله، وهذه هي العقيدة الوسطية المنضبطة التي امتاز بها أهل السنة عن سائر الفرق.
ينظر:
الذهبي، تاريخ الإسلام، عصر الخلفاء الراشدين، ترجمة عبد الرحمن بن ملجم، ص645.