حادثة مقتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه سنة 40 هـ

حادثة مقتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه سنة 40 هـ
في عام 40 هـ، بعد قرابة عامين من معركة النهروان التي دارت بين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه والخوارج، هدأت جبهات الحرب قليلًا، لكن نار الحقد كانت ما تزال تشتعل في صدور بعض الخوارج، ممن اعتبروا قتل عليّ ومعاوية وعمرو بن العاص “قربة إلى الله”، بزعم تخليص الأمة من قادتها، والعياذ بالله من هذا الضلال المبين.

مؤامرة ثلاثية في مكة
اجتمع ثلاثة من الخوارج في مكة المكرمة، وتواعدوا على تنفيذ عمليات اغتيال متزامنة ضد ثلاث من أبرز شخصيات الدولة الإسلامية آنذاك:
عبد الرحمن بن ملجم المرادي تكفّل بقتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه في الكوفة.
البرك التميمي عزم على قتل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه في دمشق.
عمرو بن بكر التميمي نذر نفسه لقتل عمرو بن العاص رضي الله عنه في مصر.
وتم الاتفاق على تنفيذ العمليات فجر السابع عشر من شهر رمضان، في توقيت يحمل دلالة رمزية دينية، وكأنهم أرادوا أن يخلّدوا فعلتهم في يوم مبارك!

اغتيال الإمام في محرابه
خرج علي رضي الله عنه لصلاة الفجر في مسجد الكوفة، فباغته ابن ملجم بطعنة خنجر مسموم كان قد أعدّه وسمّه قبل أسبوع. سقط الإمام الجليل مضرجًا بدمه، وقال وهو في الرمق الأخير:
«إن أنا شفيت، فأنا حجيجه، وإن أنا مت فاقتلوه بي» (يخاطب الحسن والحسين رضي الله عنهما).
فقال ابن ملجم:
«والله لقد سممته جمعة».
وعندما توفي علي رضي الله عنه، أمسك الناس بابن ملجم فقطعوا يديه وسملوا عينيه، ولم يجزع، فلما همّوا بقطع لسانه، ارتعد وقال:
«إني أخشى أن أعيش لحظة لا أذكر الله فيها!».
وهذا هو الضلال الذي يلبس عباءة الورع الكاذب: يقتل إمام المتقين ثم يدّعي الخشية من نسيان الذكر!

مصير بقية المتآمرين
أما البرك التميمي، فقد هاجم معاوية رضي الله عنه أثناء صلاة الفجر، فأصابه إصابة لم تقتله، لكن آثارها تسببت لاحقًا في انقطاع نسله.
وأما عمرو بن بكر، فقد توجّه لقتل عمرو بن العاص رضي الله عنه، إلا أن الأخير كان قد تغيّب عن الصلاة بسبب وعكة ألمّت به، فصادف الإمام خارجة بن أبي حبيب، فظنه عمرو بن العاص فقتله، وعندما قُبض عليه قال ببرود:
«أردتُ عمرًا، وأراد الله خارجة».
وصارت هذه الجملة مثلًا يُضرب فيمن يسعى لأمر فيُقضى له بغيره.
خاتمة الفتنة
وبذلك قُتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وقُتل المتآمرون الثلاثة جميعًا، وخلّدت الحادثة واحدة من أبشع صور الغلو والانحراف في تاريخ الأمة الإسلامية.

المصادر:
ابن سعد، الطبقات الكبرى (3/35).
ابن كثير، البداية والنهاية (7/338).