التعريف بالصحابي الجليل خالد بن الوليد رضي الله عنه
هو خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد اللَّه بن عمرو بن مخزوم أبو سليمان، القرشيّ المخزوميّ، سيف اللَّه، أمّه لبابة الصغرى بنت الحارث بن حرب الهلاليّة، وهي أخت لبابة الكبرى زوج العباس بن عبد المطلب، وهما أختا ميمونة بنت الحارث زوج النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم.
كان أحد أشراف قريش في الجاهليّة، وكان إليه أعنّة الخيل في الجاهلية، فلما أسلم كان إليه أعنّة خيل النبي صلى الله عليه وسلم.
أسلم سنة سبع للهجرة وقيل: سنة ثمان، ولما وفد على النبي صلى الله عليه وسلم مسلمًا سُرَّ به النبي صلى الله عليه وسلم، وقال له: «قد كُنتُ أَرَى لَكَ عَقلًا رَجَوتُ أن لا يُسلِمَكَ إلا إلى خَيرٍ»([1]).
ومنذ أسلم والنبي صلى الله عليه وسلم يكلّفه بمهام كبيرة تعكس ثقة النبي صلى الله عليه وسلم به كقائد عسكري كبير، ومسلم مخلص حريص على طاعة الله ورسوله.
كانت أولى مشاركته الحربية في عزوة مؤتة، وذلك بعد إسلامه بشهرين أو ثلاثة، وعلى الرّغم من أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يوله قيادة الجيش، ولكنه أخرج الجيش المكوَّن من ثلاثة آلاف مقاتل هم نخبة المسلمين وقتها، أخرجهم من مأزق كبير حيث وجدوا أنفسهم في مواجهة جيش الروم البالغ مائتي ألف مقاتل، وبكل المقاييس الحربية لا يمكن لجيش قوامه ثلاثة آلاف أن يصمد أمام جيش قوامه مائتا ألف، فقد قتل قادة الجيش الكبار: جعفر بن أبي طالب، وزيد بن حارثة، وعبد الله بن رواحة، وكاد الجيش المسلم يهلك حتى تولى خالد قيادته، واستطاع أن يخرجه من هذا المأزق الكبير بحنكة وذكاء لا مثيل لها، (فخير ما يصنع في ذلك الحين هو الارتداد المأمون، وهو أصعب من النصر في بعض المآزق؛ لأن النصر ميسور مع اجتماع العدة له واحتمال الشدة فيه، ولكن الارتداد المأمون غير ميسور لكل من يريده وهو في أضعف الموقفين، إلا أن تكون له خبرة بالقيادة تكافئ الرجحان في قوة العدو الذي يرتد بين يديه)([2]).
وبعد مؤتة شهد مع رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم فتح مكّة، فأبلى فيها، وجرى له مع بني خزيمة ما جرى، ثم شهد حنينًا والطائف في هدم العزّى.
وأرسله النبيّ صلّى اللَّه عليه وسلّم إلى أكيدر دومة فأسره.
وأرسله أبو بكر إلى قتال أهل الردة فأبلى في قتالهم بلاءً عظيمًا، ثم ولّاه حرب فارس والرّوم، فأثر فيهم تأثيرًا شديدًا وفتح دمشق([3]).
توفي خالد رضي الله عنه سنة 21هـ([4])، وقال عند موته: (ما كان في الأرض من ليلة أحبّ إليّ من ليلة شديدة الجليد في سريّة من المهاجرين أصبّح بهم العدو، فعليكم بالجهاد)([5]).
الهامش:
([1]) دلائل النبوة للبيهقي (4/ 349)، صفة الصفوة (1/ 251).
([2]) عبقرية خالد، عباس العقاد (ص: 47).
([3]) الإصابة في تمييز الصحابة (2/ 215).
([4]) الإصابة (2/ 218).
([5]) أخرجه أحمد في فضائل الصحابة (1476)، وابن حبان في الثقات (3/ 102).